تملك الكاميرون لاعبين عالميين من طراز صامويل ايتو لكنها لم تنجح في السنوات الماضية في بناء فريق يخلو من الانقسامات برغم مشاركتها مرة سابعة في المونديال وهو رقم قياسي افريقي.
القي اللوم على رمز المنتخب بفشل “الاسود غيرالمروضة” في مونديال جنوب افريقيا 2010 حيث خسروا مبارياتهم الثلاث على الاراضي الافريقية.
وبحال تكرر ذلك في البرازيل، ستكون الكارثة مضاعفة في مجموعة تضم الدولة المضيفة وكرواتيا والمكسيك.
كان القائد ايتو في عين عاصفة 2010، فوقف معه لاعبون وآخرون ضده إلى جانب القائد المخلوع ريغوبرت سونغ.
استبدل المدرب الفرنسي بول لوغوين انذاك سونغ المتقدم في العمر بمهاجم برشلونة الاسباني وانتر ميلان الايطالي السابق قبل سنة من المونديال. فتحت هذه الخطوة جروح المواجهة، فاختار الكسندر سونغ، قريب ريغوبرت، لاعب وسط برشلونة التهرب من المنتخب لفترة طويلة.
مع كل ذلك، يعتقد ستيفان مبيا لاعب وسط اشبيلية الاسباني، ان الكاميرون، اول دول افريقية من اصل ثلاث تبلغ ربع نهائي المونديال، قادرة على تقديم صورة موحدة في البرازيل: “الكل جاهز لسماع الآخرين ولتقديم تضحيات. جاهزون لتقديم افضل ما لدينا من أجل بلدنا، زملائنا وانفسنا”.
لكن الجميع ليسوا مقتنعين، وبينهم ايتو الممتعض من عدم تمرير الكرة له في المباراتين الفاصلتين امام تونس في التصفيات.
مدافع كوينز بارك رينجرز الانكليزي بنوا اسو-ايكوتو شجب لاعبين آخرين: “يمكن مقارنة هذا الفريق مع ذلك الذي بلغ ربع نهائي مونديال 1990 في ما يخص التقنية والموهبة.
لكن عندما يلتقي اللاعبون، يعتبرون انفسهم نجوما عالميين، وتخيم مشكلات تافهة على غرف الملابس فتعكر الاجواء. كثيرون من اللاعبين لديهم اطفال في منازلهم، لكن نحن الراشدون نتصرف مثل الاولاد. علينا تغيير عقليتنا ووضع غرورنا جانبا”.
خيمت التحضيرات غير المنظمة على الكاميرون التي فازت مرة واحدة في 12 مباراة في المونديال منذ خسارتها امام انكلترا في ربع نهائي الشهير عام 1990 في ايطاليا 2-3 في مباراة لا تزال تعتبر من الاكثر اثارة في تاريخ المونديال.
يقول مبيا: “يجب ان نستعد افضل من 2010 لاننا في مجموعة صعبة”.
رفعت الكاميرون لواء الكرة الافريقية في ثمانينيات القرن الماضي، فبرغم تعادلها مع البيرو وبولندا والبطلة ايطاليا في مونديال 1982، خرجت من الدور الاول برأس مرفوعة.
دخلت في 1990 تاريخ كأس العالم عندما اصبحت اول دولة افريقية تبلغ ربع النهائي، بعد اسقاطها ارجنتين مارادونا حاملة اللقب افتتاحا برأسية فرانسوا اومام بييك، وقدمت الى العالم المهاجم المخضرم روجيه ميلا.
تراجع مستواها بعد ذلك، فاكتفت بالدور الاول في 1994 و1998 و2002 و2010، بيد انها بقيت قوة قارية لافتة بتتويجها في 1984 و1988 و2000 و2002، كما بلغت نهائي كأس القارات في 2003 واحرزت ذهبية الالعاب الاولمبية في سيدني 2000.
وقعت الكاميرون في مجموعة مفتوحة ضمن تصفيات 2014، الى جانب ليبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية وتوغو، وساعدها في التأهل الغاء خسارتها امام توغو لاشراك الاخيرة لاعبا غير مؤهل، وفي الدور الفاصل اقصت تونس 4-1 بمجموع المباراتين (صفر-صفر ذهابا و4-1 ايابا).
سيطير لاعبو المدرب الالماني فولكر فينكه الى البرازيل محاولين نسيان الخلافات مع اتحاد اللعبة وفشلهم بالتأهل الى كأس امم افريقيا والسقوط امام الرأس الاخضر في 2013، وهو ما تخوف منه اومام بييك: “الكاميرون ليست قادرة على تخطي الدور الاول، فبرغم امتلاكها لاعبين بنوعية عالية، الا ان المنتخب ليس موحدا. الكل يعتقد انه نجم وسيكون صعبا الفوز على البرازيل التي تملك افضلية الارض بالاضافة الى كرواتيا والمكسيك”.
سيعول فينكه الى جانب ايتو على قلب الدفاع نيكولاس نكولو، ولاعبي الوسط جان ماكون وسونغ والمهاجم بنجامان موكاندجو.
المدرب: فولكر فينكه
تجاهل فولكر فينكه انتقادات انتقصت من كفاءته من قبل الاسطورة روجيه ميلا قبل حصوله على احترام الاخير وفريق حمله الى كأس العالم.
يعتبره مهاجم ماينتس الالماني اريك ماكسيم شوبو-موتينغ “مدربا رائعا”، ويمتدحه محمدو ادريسو المحترف في الدوري الالماني ايضا مع كايزرسلاوترن: “هو كفء تكتيكيا ومحفز كبير يفرض سلوكياته على المنتخب”.
يتابع جويل ماتيب لاعب وسط شالكه الالماني: “يطبق الضغط العالي في الملعب ويطلب التحرك من لاعبيه باستمرار”.
اوصاف لطيفة تتعارض مع تلك التي ظهرت فور قدومه الى ياوندي، وخصوصا ميلا الذي عاد عن اعتزاله في 1990 بعمر الثامنة والثلاثين ليسجل رباعية تاريخية: “تعيين مدربين اجانب اهدار للعملة الصعبة الغالية، المدربون المحليون يجب ان يستلموا المنتخب الوطني”.
اضاف ميلا بعد ان اصبح فينكه رابع مدرب الماني يقود الكاميرون: “فينكه ليس كفوءا”، لكنه غير رأيه لاحقا بالرجل الذي اشرف على فرايبورغ 16 موسما متتاليا بين 1991 و2007 وهي مدة لافتة في الكرة الاوروبية التي تطيح بالمدربين بسرعة البرق، قبل ان يتركه في 2007 وينتقل الى اوراوا ريدز الياباني ليخوض تجربة آسيوية.
انعطافة ميلا جاءت بعد الفوز الكبير على تونس 4-1 في الدور النهائي من التصفيات الافريقية.
يأمل ابن السادسة والستين اثبات العكس للمشككين في منتخبه، ويعتبر ان ايتو سيكون دوره فاعلا: “صامويل عاد الى افضل مستوياته مع تشلسي. هو افضل لاعب كاميروني ويمكنه صنع الفارق”.
يتابع: “اللعب في البرازيل يمثل فرصة واحدة في الحياة. البرازيل هي مركز كرة القدم في العالم والتنافس هناك سيكون مثيرا لذا لن احتاج لتحفيز لاعبي فريقي في هذه الاجواء”.
تعاقد فينكه مع الاتحاد الكاميروني لسنتين، ليكون خامس مدرب للاسود منذ مونديال 2010. فوجىء لتعيينه بعد ان توقع التعاقد مع مدرب فرنسي، فمن اصل ستة مدربين للكاميرون في كأس العالم اشرف عليها خمسة من فرنسا هم جان فنسان (1982)، هنري ميشال (1994)، كلود لوروا (1998) وبول لوغوين (2010)، فيما اشرف الروسي فاليري نيبومنياتشي في 1990 وقادها الى ربع النهائي.
نجم الفريق: صامويل ايتو
قد يكون البرتغالي جوزيه مورينيو مدرب تشلسي الانكليزي شكك بعمر مهاجمه ايتو، لكن المهاجم الفتاك استعاد البعض من مستوياته السابقة الموسم المنصرم، ورد الصاع صاعين للمشككين بتراجع لياقته البدنية.
رأى نجم الكاميرون الراحل تيوفيل “دكتور” ابيغا وافضل لاعب افريقي في 1984 ان امتلاك بلاده نجما على غرار ايتو نعمة ونقمة في آن واحد: “هناك مشكلة تكتيكية تكمن بتفاوت الموهبة بين ايتو وزملائه. يسارع كل لاعب الى تسليمه الكرة بغض النظر عن تواجده في موقع جيد أم لا”.
لكن للمفارقة، كان ايتو يشكو من عدم تسليمه الكرة في مواجهة تونس في التصفيات.
بعد مسيرة مظفرة مع برشلونة وانتر ميلان، احرز خلالها دوري ابطال اوروبا ثلاث مرات، وكأس امم افريقيا مع بلاده في 2000 و2002، لا يزال ايتو في تألق مستمر.
كان لاعب مايوركا السابق في نواة فريق برشلونة الذي ابهر العالم تحت اشراف المدرب جوسيب غوارديولا، قبل ان يدخل في خلافات معه ابان رحيله عن الفريق الكاتالوني.
اعتزل ابن الثالثة والثلاثين مرتين في اخر سنتين، لكن الرئيس بول بيا اقنعه بالعودة على غرار ما فعل مع ميلا في مونديال 1990.
شارك افضل لاعب في افريقيا اربع مرات في ثلاث مناسبات مونديالية، واصبح الاعلى راتبا في العالم مقابل 20 مليون يورو سنويا لدى انضمامه الى انجي محج قلعة الروسي في منتصف 2011، فبقي في الاراضي المغمورة كرويا والغنية بالمال قبل تجربة الدوري الانكليزي.
سجل مرتين في جنوب افريقيا 2010، لكنه لم ينجح بتفادي الخسارة امام اليابان، الدنمارك وهولندا.